الرضى في العقود الإلكترونية


Electronic Signatures | Lebanon Law Review

دخل الاقتصاد العصر الإلكتروني، واندمجت قطاعاته، لا سيما التجارية منها في هذا العصر، وتغيرت المفاهيم التجارية بكامل أشكالها، وأصبحت تتبع لنظام التجارة الإلكترونية، خصوصاً في ما يتعلق بإبرام العقود والمدفوعات التي تتم الكترونياً بسرعة خيالية. ومع تفاقم أزمة جائحة كورونا و لجوء المواطنين في ظل الحجر المنزلي المفروض من الحكومة اللبنانية على الشعب تزداد الحاجة الى استخدام المواقع والصفحات الإلكترونية المعنية بعرض البضائع والمنتجات التجارية، بهدف تأمين الحاجيات المنزلية والمكتبية والمعدات الطبية التي يحتاجها مريض الكورونا وغيرها الكثير من السّلع التي قد لا تكون متوفّرة في السوق اللبنانية في المتاجر العمومية كمعدات الأوكسيجين مثلًا، أو المعدات التي لا يمكن الاستحصال عليها بأسعار منافسة و مناسبة إلا من خلال هذه المواقع

إن للأزمة الاقتصادية والمعيشية اليد الطّولى في تعزيز هذا النوع من التبادل التجاري الذي بدأ يترسخ في لبنان منذ مدة ليست بالبعيدة نوعًا ما، لكنها باتت تتطور مؤخرًا بشكلٍ سريع مع تطور التجارات الدولية وإمكانية توصيل السلع العالمية التي يريدها المستهلك الى منزله دون عناء، وخصوصًا في ظل الجائحة لذلك كله، ورغبةً منا في إطلاع المستهلك على الطريقة المعتمدة قانونًا لإجراء هذا النوع من المعاملات، نضع بين أيدي القرّاء المهتمين عمومًا و طلبة الحقوق خصوصًا مقالنا هذا الذي نعرض من خلاله المرحلة الآيلة الى التعاقد الإلكتروني ( أي المرحلة السابقة لإتمام عملية الشراء والتي تعرف بمرحلة المفاوضات). بدايةً سنعمل على تعريف التجارة الالكترونية، أسبابها وطرقها وما تطرحه من إشكالات قانونية و سنورد في خلال شرحنا بعض الأمثلة عليها لتتضح للقارئ

 عرّف المشرع اللبناني التجارة الإلكترونية في قانون المعاملات الإلكترونية  الصادر في شهر تشرين الأول من عام 2018  في المادة 30 منه التجارة الإلكترونية حيث جاءت المادة المذكورة على ما يلي: تكون ممارسة التجارة الإلكترونية حرة في حدود الموانع التي نص عليها القانون .إذًا وفق المادة 30 ، تخضع عقود التجارة الإلكترونية في كل ما لم يرد عليه نص في هذا القانون للقواعد المرعية الإجراء لا سيما في قانون التجارة وقانون الموجبات والعقود وقانون أصول المحاكمات المدنية وقانون حماية المستهلك، ولم يخرج المشرع عن نطاق القوانين المذكورة ضمنها (التجارة، الموجبات والعقود، أصول المحاكمات المدنية وحماية المستهلك)؛ إنما وضع استثناءات واضحة وصريحة فيما يتعلق بالعقود الإلكترونية والتجارة الإلكترونية وبالتالي ما لم يرد عليه نص في قانون المعاملات الإلكترونية، نطبق فيه الأصول والمبادئ العامة التي لحظتها القوانين الوارد ذكرها في هذه المادة)30 .(ما هو العقد الإلكتروني ومن هم الأشخاص المخوّلين قانونًا إجراء هذا النوع من العقود؟

العقد الإلكتروني وعلى غرار العقد الورقي، جاء قانون الموجبات والعقود معرّفًا له في المادة 165 منه حيث نصّت على: الإتفاق هو كل إلتآم بين مشيئة وأخرى مفاعيل قانونية، وإذا كان يرمي إلى إنشاء علاقات إلزامية سمّي عقدا

وتتم هذه العقود بين شخصين طبيعيين أو أكثر، أو بين شخصين معنويين (شركات، مؤسسات، مصارف…) أو بين أفراد وإحدى هذه المؤسسات، من خلال استخدام أدوات أو وسائل الكترونية، ولكل منها طريقته الخاصة التي سنتناولها تباعًا لإبرام العقد

البداية مع تلخيص آلية نشوء العقد في قانون الموجبات والعقود، وكما ذكرنا فإن العقد يعبر عن التقاء مشيئتين، و التقاء المشيئتين يعني نشوء الرضى بين المتعاقدين، ذلك ما نصت عليه المادة 178 :إن الرضى في العقود هو اجتماع مشيئتين أو أكثر وتوافقها على إنشاء علاقات الزمانية بين المتعاقدين وهو يتألف من عنصرين: العرض أو الإيجابة و القبول

و الرضى هو أهم ركن من أركان العقد، حيث أن العقود التي يتعيّب الرضى فيها بأحد العيوب تكون عرضةً الإبطال في بعض الحالات، و ترتب في حالات أخرى انعدام العقد واعتباره باطلًا بطلانًا مطلقًا كأنه لم يكن. تناول المشرّع اللبناني الرضى في المادة 176 وما يليها من قانون الموجبات والعقود، فقد جاءت المادة 176 على أن الرضى هو الصلب ( أي الأساس) و الركن لكن عقد بل لكلّ اتفاق على وجه أعم. لذلك لا ينشأ عقد بدون رضى ، وتعيب الرضى قد يرتب انعدام العقد أو إمكانية إبطاله

وسنتناول بالتفصيل في الفقرة التالية ، عناصر الرضى وفق قانون المعاملات الإلكترونية، حيث سنبحث في العرض (الإيجاب) والقبول كلٌّ على حدة

فيما يتعلق بالعرض المقدّم من التاجر، فقد ألزم المشرع اللبناني على من يمارس العمل التجاري الإلكتروني كمهنة له، مجموعة شروط ومعايير، لا بد من مراعاتها في صفحته الإلكترونية، و قد أورد المشرع هذه الشروط في التالي

يبقى العرض ملزماً للعارض طالما يبقى في الإمكان الولوج الى هذا العرض بالوسيلة الإلكترونية

المادة 34 قانون معاملات إلكترونية

أي أن العرض طالما موجود اونلاين يبقى العارض ملزماً به وبالتالي فإن هذه القاعدة تترتب عليها نتائج قانونية عديدة.  في المادة 179 من قانون الموجبات والعقود في فقرتها الأولى اعتبرت أن العارض يمكنه متى شاء أن يرجع عن عرضه ووفاته أو فقدانه الأهلية يجعلان الإيجاب لغواً. لكن بالعودة الى المادة 34، نجد أنها ألزمت العارض بعرضه ما دام هذا العرض ممكن الوصول إليه عبر الوسيلة الإلكترونية من قبل الجمهور. يعني ذلك أن العرض يبقى ملزماً لصاحبه طالما أنه لا يزال موجوداً على الصفحة الإلكترونية، وبالتالي فإن العارض يمكنه الرجوع عنه متى أراد ولم يحدد المشرع في المادة 34 فترة معقولة أو فترة محددة، طالما أنه موجود على الصفحة الإلكترونية يكون ملزماً وبعد حذفه عنها لا يكون ملزماً، وبالتالي يمكن تقديم العرض وحذفه في خلال مهلة قليلة ولو لدقائق دون ترتيب أي مسؤولية قانونية على العارض(البائع)

:على كل من يعرض بحكم مهنته سلعاً أو خدمات بوسيلة إلكترونية يجب أن يتضمن عرضه
الوسائل الواجب اتباعها لإبرام العقد –
-شروط العقد بطريقة تسمح بالمحافظة عليها وبإعادة نسخها –
الوسائل التقنية التي تسمح لمتلقي العرض بالتحقق من الأخطاء المرتكبة لدى استعمال الوسائل الإلكترونية وتصحيحها قبل الموافقة النهائية التي تؤدي إلى إبرام العقد
مدى التزام مقدم العرض بالمحافظة على الآثار الإلكترونية للمفاوضات وللعقد المبرم –
وفي حال وجود هكذا التزام، تحديد مدة هذا الإلتزام وكيفية المحافظة على الآثار الإلكترونية وشروط الولوج الى المستندات المحفوظة لغة العقد المعتمدة

المادة 33 قانون معاملات إلكترونية

بالعودة الى المادة 33 من قانون العقود الإلكترونية فإن الشروط التي تناولتها  المادة، تناولتها بهدف تسهيل أمور الأشخاص المتعاقدين إلكترونياً عبر توضيح الشروط الواجب إتباعها ولا ترتبط بعرض معين بحد ذاته إنما هي شروط عامة. هذه الشروط هي شروط تقنية تتعلق بكيفية إبرام العقد بالوسيلة الإلكترونية من حيث الشكل وليست متعلقة بمضمون العقد (مواصفات الشيء، الإرادة الملزمة، دعوة تفاوض..)

و سنعمل في هذه الفقرة الى تفسير الفقرات 1-2-4-5

في الفقرة الأولى من المادة 33 معاملات إلكترونية، تناول المشرّع الخطوات التي تؤدي الى إبرام العقد والتي يجب إتباعها وعليه أن يحدد للمشتري الوقت الذي أصبح فيه مالكاً للشيء المبيع

أما في الفقرة الثانية فأشار إلى إلزام البائع بأن يحفظ لنفسه وللمشتري العقد الإلكتروني الذي يتم إبرامه بشكل يتم المحافظة على هذا العقد الإلكتروني وإمكانية نسخ هذا العقد

وفيما يتعلق بالفقرة الرابعة و الخامسة فتناول المشرع  الآثار الإلكترونية ويقصد بها المستندات التي يتم حفظها عبر نشوء العقد النهائي ومدى إلتزام البائع بالمحافظة على هذه المستندات الإلكترونية المتعلقة بالمفاوضات والعقد النهائي وألزمه (أي للبائع) أن يحدد لغة العقد المعتمدة من قبله

أما فيما يتعلق بعنصر القبول، فتختلف آلية نشوء العقد بين العقود المبرمة إلكترونيًا بواسطة الصفحة الإلكترونية مثل علي بابا أو ،علي اكسبريس والعقود التي يتم إبرامها من خلال البريد الإلكتروني أو بوسيلة مشتركة( هاتف+ صفحة)

العقود المنشأة بواسطة الصفحة الإلكترونية

تناوله المشرّع اللبناني في الفقرة الثالثة من المادة 33 من قانون المعاملات الإلكترونية حيث جاءت الفقرة المذكورة على ما يلي

الوسائل التقنية التي تسمح لمتلقي العرض بالتحقق من الأخطاء المرتكبة لدى استعمال الوسائل الإلكترونية وتصحيحها قبل الموافقة النهائية التي تؤدي إلى إبرام العقد

المادة 33 قانون معاملات إلكترونية

بناءً على ما ورد في هذه الفقرة، لكي يتم إبرام العقد الإلكتروني على المشتري أن يعمل موافقتين وليس موافقة واحدة، موافقة مبدئية وموافقة نهائية (العقود الإلكترونية التي تجري عبر الصفحات تتطلب موافقة على العقد مرتين، الموافقة المبدئية يقوم بها المشتري فيقوم البائع بإرسال بريد إلكتروني للمشتري ويقوم الأخير بالموافقة الثانية والأخيرة) ، فيستفاد من ذلك أن العقد ينشأ بحصول قبولين من قبل المشتري. هذا ما أكدت عليه المادة 38 من القانون ذاته : عندما يصدر القبول في العقود الإلكترونية المدنية والتجارية لا يعتبر هذا القبول منشأ للعقد إلا بعد أن يؤكد عليه مرة ثانية من يوجه إليه العرض بعد أن يكون قد تحقق من مضمون التزامات الفريقين. و عليه لا يعتبر العقد قد نشأ إلا بعد التأكيد عليه مرة أخرى من قبل المشتري (أي التأكيد على القبول مرة أخرى) من قبل من وجّه إليه هذا العرض( المستهلك) وعند إبلاغه بورود القبول على التاجر أن يقوم بتحديد شروط العقد كافة، ليتأكد المعروض عليه من هذه الشروط قبل التأكيد مرة أخرى، الأمر الذي يؤول الى نشوء العقد بينهما

:إذًا يستخلص مما سبق ذكره

العارض ملزم بالعرض الذي قدمه طالما أنه لا يزال موجوداً على صفحته وإذا رفض القبول الأول تترتب مسؤوليته التقصيرية ويستطيع بأي حال من الأحوال الرجوع عن هذا العرض عبر حذفه عن الصفحة (لديه حرية الرجوع عن العرض) و إذا رفض القبول الثاني تترتب مسؤوليته العقدية لأن العقد يعدّ ناشئًا عند قيام المشتري به 

على العارض أن يبلغ الطرف الآخر الذي صدر عنه القبول ضمن مهلة معقولة أو المهلة المحددة في العرض بورود القبول، وتخلفه عن ذلك يرتب وفق المادة 35 (على مقدم العرض إبلاغ الطرف الآخر بورود القبول وذلك ضمن مهلة زمنية معقولة أو ضمن المهلة الزمنية المحددة في العرض. يلزم مقدم العرض بالتعويض عن أي إخلال بهذا الموجب ينشأ عنه ضرر.) مسؤوليته ويلزم بالتعويض إذا أصيب الطرف الآخر بضرر

لا يعتبر العقد قد نشأ إلا بعد التأكيد عليه مرة أخرى من قبل المشتري (أي التأكيد على القبول مرة أخرى) من قبل ووجّه إليه هذا العرض

وعند إبلاغه بورود القبول عليه (البائع) أن يبلغه القبول مع تحديد شروط العقد كافة. يتأكد المعروض عليه من هذه الشروط ويؤكد مرة أخرى لينشأ العقد

 العقود المنشأة بواسطة البريد الإلكتروني أو من خلال الهاتف :أي من خلال المراسلات الإلكترونية التي تتم بواسطة البريد الالكتروني والهاتف

لقد أشار المشرع إليها في المادة 36: لا تطبق أحكام المادتين 33 و35 من هذا القانون (المعاملات الإلكترونية) على العقود المبرمة حصراً عن طريق تبادل الرسائل بواسطة البريد الإلكتروني أو من خلال اتصالات شخصية مستقلة

أكد المشرع من خلال ورود كلمة حصراً على الحصرية للعقود التي تتم فقط من خلال البريد الإلكتروني أو بواسطة الهاتف لأنه من الممكن أن تتم بعض الاتفاقيات من خلال الوسيلتين (الصفحة أو البريد أو الصفحة والهاتف وهذا ما لا تتناوله المادة 36 إنما المقصود بالمادة 36 العقود التي تتم فقط عبر البريد الإلكتروني والهاتف، ولم يشترط المشرع اللبناني لنشوء العقد في المادة 36 المطبقة على العقود المبرمة بواسطة البريد الإلكتروني أو من خلال الهاتف بين المحترف والمستهلك أن يقوم المحترف بتنفيذ نصّي المادتين 33 و35 من قانون المعاملات الإلكترونية، حيث اعتبرت المادة 33 من هذا القانون أن العقد لا يبرم بين العارض والمستهلك في الشراء عبر الصفحة الإلكترونية (الموقع) إلا من خلال قيام المشتري بإصدار قبولين لنشوء العقد

كما أكدت المادة 35 على إلزام العارض بإبلاغ المعروض عليه (المستهلك) بورود القبول الأول منه الى العارض في خلال مهلة معقولة أو ضمن المهلة المحددة في العرض، كما أشارت المادة 38 من قانون المعاملات الإلكترونية

وبالعودة الى المادة 36 والمادة 38، يتضح لنا أنه يمكن تقديم العرض عن طريق صفحة إلكترونية لكن القبول يكون عبر الإتصالات ،كما يكون الشراء عبر ال او.ال.اكس ففي هذه الحالة لا تطبق أحكام المواد 33 والمادة 35 والمادة 38، حيث أشارت المادة 38 إلى القبولين في العقود المبرمة الكترونياً عن طريق الوسيلة الإلكترونية وتناولت المادة 38 العقود المدنية والتجارية

 المادة 38 الفقرة الثانية: عندما تكون المساومات في العقود المدنية والتجارية قد جرت بالوسيلة الإلكترونية فإن هذا العقد لا يعد منشأ إلا في الوقت الذي يصل فيه القبول الى العارض

هذه الفقرة تتناول إستثناءً على المادة 184 من قانون الموجبات والعقود، فالعقد الذي يتم من خلال البريد الإلكتروني يعتبر ناشئاً منذ تاريخ وصول القبول الى العارض وليس منذ صدور القبول، الأمر الذي يكون على خلاف ذلك في قانون الموجبات و العقود الذي أشار اليه المشرع في المادة 184 منه أن العقد ينشأ في المساومات الجارية بالمراسلة أو بواسطة رسول بين غائبين في الوقت وفي المكان اللذين صدر فيهما القبول ممن وجه إليه العرض

مخالفة الإلزامات التي يفرضها المشرع في المادة 33، {لجهة إبرام العقد بعد الموافقة الثانية} (الفقرة 3) هذا خطأ من شأنه أن يمنع انبرام العقد وبالتالي يرتب مسؤولية العارض التقصيرية وليست مسؤولية عقدية. المسؤولية التقصيرية لا ترتب على المخطئ التعويض عن الربح الفائت إنما التعويض عن الربح الفائت يكون في حالة المسؤولية العقدية (العقد النهائي) فقط وفق ما أشار إليه قانون الموجبات والعقود

أما إذا لم يحدد العارض الشروط الواردة في المادة 33 الفقرتين1-2 و لم يتضرر المشتري من هذا الخطأ فلا تترتب مسؤولية العارض وفقاً لما نصت عليه المادة 35 في فقرتها الثانية، إنما يلزم مقدم العرض (التاجر) بالتعويض عن أي إخلال بهذا النص الوارد عندما ينشأ عن ذلك ضرر يصيب المستهلك

في العقود التي تتم عن طريق البريد الإلكتروني المادة 36: لا تطبق أحكام المادتين 33 و35 من هذا القانون على العقود المبرمة حصراً عن طريق تبادل الرسائل بواسطة البريد الإلكتروني أو من خلال إتصالات شخصية ومستقلة

المادة 38: عندما يصدر القبول بالوسيلة الإلكترونية في العقود المدنية والتجارية لا يعتبر هذا القبول منشأ للعقد إلا بعد أن يؤكد عليه مرة ثانية من وجه إليه العرض بعد أن يكون قد تحقق من مضمون التزامات الفريقين، فعندما تكون المساومات في العقود المدنية والتجارية قد جرت بالوسيلة الإلكترونية فإن هذا العقد لا يعد منشأ إلا في الوقت الذي وصل فيه القبول الى علم العارض. أما الفقرة الأولى من المادة 38 تناولت عطفاً على المادة 33 الفقرة الثالثة حيث أكد على ضرورة تأكيد القبول مرة ثانية لكي يعتبر العقد ناشأً، والمشرع في المادة 36 يخرج عن المادة 33 كلها حيث عمد إلى تناول العقود التي تبرم حصراً عن طريق البريد الإلكتروني أو عبر الهاتف

المادة 35: على مقدم العرض إبلاغ الطرف الآخر بورود القبول وذلك ضمن مهلة زمنية معقولة أو ضمن المهلة الزمنية المحددة في العرض؛ يلزم مقدم العرض عن أي إخلال بهذا الموجب ينشأ عنه ضرر

إن الشروط الواردة في المادتين 38 و 35 تتناول الصفحة الإلكترونية و تستثنيها المادة 36 التي تناولت البريد الإلكتروني والهاتف، أما الفقرة الأولى من المادة 38 تناولت نشوء العقد في الوسيلة الإلكترونية (الصفحة) أما بقية الفقرات في هذه المادة تناولت العقد الإلكتروني بشكل عام وعن طريقة إرسال الرسالة واستلامها

أما فيما يتعلق بالقبول الذي يتم عبر الهاتف، تناولته المادة 185 التي نصت على: إن العقد الذي ينشأ بالمخاطبة التلفونية يعد بمثابة العقد المنشأ بين أشخاص حاضرين

إذًا القبول الذي يتم من خلال المكالمة الهاتفية، يعتبر بمثابة قبولٍ تم بين أطراف العقد المجتمعين في مجلسٍ واحد، و نطبق عليه أحكام المادة المادة 183 بين الأشخاص الحاضرين، يعد الرضى موجودا والعقد منشأ، في الوقت الذي يقترن فيه القبول بالإيجاب بين المتعاقدين وهم متفقون على شروط التعاقد، إلا إذا اتفقوا على إنشاء العقد في صيغة معينة اختاروها له

أي بمجرد اقتران العرض بالقبول، ينشأ العقد في الحالة التي يكون فيها العارض والمعروض عليه حاضرين في مكان واحدٍ، في حال تم الإتفاق على جميع العناصر الأساسية لهذا العقد. ويستثنى من هذه القاعدة الحالة المنصوص عليها في المادة 220 الفقرة الثالثة التي اعتبرت أن اتفاق المتعاقدين على وضع العقد في صيغة خاصة لا يوجبها القانون كالصيغة الخطية فإن العقد لا ينعقد ولا ينتج مفاعيله، حتى بين المتعاقدين، الا حينما يوضع في تلك الصيغة التي تم الإتفاق على وضعها لنشوء العقد، و يعود ذلك الى مبدأ حرّية التعاقد الذي سمح بموجبه القانون للأفراد أن ينظموا علاقاتهم الشخصية وفق الطريقة التي يريدونها ضمن حدود النظام العام والآداب العامة

في الختام

لقد ساهمنا في بحثنا هذا بتقديم شرح وافٍ عن المواضيع التي انطوى عليها، ذلك لما لها من أهمية و نظرًا إلى حاجة مجتمعنا إلى دراية تفاصيلها القانونية حمايةً للتاجر و المستهلك من الوقوع في الخطأ الذي من شأنه في حالاتٍ كثيرةً أن يكبّد كلًّا منهما خسائِرَ ماديّة و معنوية ومساهمةً منّا في تسهيل القواعد القانونية التي قمنا بشرحها على طالب الحقوق الذي قد يحتاج إليها في أي بحثٍ أو عملٍ قانونيٍّ يقدم عليه


Nizar Rifaii
Nizar Rifaii

DSP1

دراسة القانون كان عن رغبة واختيار لأنه علم فن ادارة الحياة .. فمن لحظة ميلاد الأنسان حتي مماته والقانون يحكم كل لحظة من حياتة وينظمها. إن دراسة القانون سيضيف الكثير لشخصية الفرد ويجعله أكثر واقعية فى تناوله لحياتة اليومية والتعامل مع الاخرين .بالنسبة إلي ، لطالما كنت أرغب الخوض في الأمور  التي تطرح جدلًا على الساحة القانونية ، لا سيّما فيما يختص بالقضايا الدستورية و معالجة الأحكام و القرارات القضائية و المهمة على الصعيدين الاجتماعي و السياسي الوطنيّين و الإقليميّين اضافةً الى اهتمامي بدراسة وفهم القواعد المدنية و الجزائية هذا و نشر الثقافة القانونية المجتمعية ليعلّم كلّ مواطنٍ و مقيم القيود التي وضعها المشرّع مراعاةً للمصلحة العامة و المصالح الفردية الخاصّ

Leave a Comment